بحث داخل المدونة

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 10 أغسطس 2014

القديسة مريم العذراء

مريم العذراء أو القديسة مريم العذراء شخصية مميزة في العهد الجديد والقرآن كأم يسوع الناصري، بولادة عذرية دون تدخل رجل، حسب المعتقدات المسيحية والإسلامية.

وفق المعتقدات المسيحية فإن مريم كانت مخطوبة ليوسف النجار، عندما بشرهاالملاكجبرائيل بحملها بيسوع وظلت بقربه حتى الصلب. الكتب الأبوكريفية المختلفة وكتابات آباء الكنيسة تتكلم عن حياتها المبكرة وحتى بداية الدعوة العلنية ليسوع، وقد قبلت هذه الكتابات بنسب متفاوت كعقائد لدى الطوائف المسيحية، وقد صيغ عدد آخر من العقائد في المسيحية تعرف باسم العقائد المريمية تتحدث عن العذراء ودورها، التي أغدقت عليها الكنيسة أيضًا عددًا كبيرًا من الألقاب، فهي الملكة والمباركة والشفيعة المؤتمنة وغيرها من الألقاب التي تندرج في إطار تكريمها، الذي تعتقد الكنائس التي تفرد لمريم مكانة خاصة أنه جزء من العقيدة المسيحية، وفي سبيل ذلك أيضًا أقامت عددًا كبيرًا من الأعياد والتذكارات في السنة الطقسية خاصة بها، وأشيدت أعداد كبيرة من الكنائس والمزارات على اسمها، إلى جانب طرق مختلفة أخرى من التكريم، ويسمى علم دراسة مريم ودورها في الكتاب المقدس والمسيحية الماريولوجيا.

ولمريم العذراء أيضًا مكانة خاصة في الإسلام وعند المسلمين، فهي خير نساء العالمين، وترتبط بها السورة الثالثة في القرآن: سورة آل عمران، وهي عائلتها وفق المعتقدات الإسلامية؛ والسورة التاسعة عشر في القرآن والتي تدعى باسمها: سورة مريم، وهي السورة الوحيدة في القرآن المسماة باسم امرأة.

حياتها المبكرة :
لا تروي الأناجيل أو أية كتابات مسيحية رسمية عن طفولة مريم العذراء أو حياتها قبل البشارة، لكن هناك عدد من الكتب الأبوكريفية التي لم تعتمد في الكنيسة ككتب رسمية لعدم صحة نسبتها إلى التلاميذ الاثني عشر أو شخصيات مقربة منهم، أو لكتابتها في تاريخ متأخر عن سائر المؤلفات التي تدعى بالقانونية أو حتى بسبب أسلوب كتابتها الشعبي،تتناول حياة مريم المبكرة بشكل مفصل، هناك إنجيل خاص يعرف باسم إنجيل مريم، وآخر يدعى إنجيل يعقوب وطفولة المخلص إلى جانب إنجيل رحلة العائلة المقدسة، وإنجيل حياة مريم وموت يوسف، وهي الأناجيل الأكثر ذكرًا للعذراء وحياتها المبكرة.

زيارة أليصابات:
تعتبر زيارة العذراء إلى أليصابات من المحطات الهامة في أحداث الميلاد، وقد خصصت لها الكنيسة أسبوعًا خاصًا من أسابيع زمن الميلاد السبعة، وكذلك تقيم تذكارًا لذلك في 2 يوليو من كل عام. ينفرد إنجيل لوقا بذكر الحادثة، ويبدأ بذكر: في تلك الأيام[لوقا 39/1] دون مزيد من الإيضاح ما دفع بعضًا من آباء الكنيسة للقول بأن الحدث قد تم عقب الزواج الاسمي من يوسف النجار والبعض الآخر أنه قد تم عقب البشارة ولحقه الزواج بيوسف، غير أن الرأي الأكثر شيوعًا أن الزيارة قد تمت بعد الزواج من يوسف، يتابع إنجيل لوقا: قامت مريم وذهبت إلى الجبال قاصدة مدينة من مدن يهوذا ودخلت بيت زكريا وسلّمت على أليصابات، ولما سمعت أليصابات سلام مريم قفز الجنين في بطنها.[لوقا 40/1] اكتسبت الآيات السابقة أهمية خاصة في المسيحية وفي كتابات آباء الكنيسة فهي تشير إلى إكرام خاص للعذراء وتشير أيضًا اللقاء الأول بين يسوع ويوحنا المعمدان وكلاهما في الحشا. ثمّ امتلأت أليصابات من الروح القدس وهتفت بصوت عالٍ قائلة: مباركة أنت بين النساء، ومباركة ثمرة بطنك.[لوقا 42/1] وقد أخذت الكنيسة عبارة أليصابات هذه مع عبارة الملاك جبرائيل لدى البشارة لتكوين الصلاة الأشهر للعذراء في المسيحية وهي السلام الملائكي، وتابعت أليصابات: فمن أين لي هذا أن تأتي إليّ أم ربي؟ فإنه ما إن وقع صوت سلامك في أذني حتى قفز الجنين ابتهاجًا في بطني.[لوقا 43/1] غير أن المعترضين من الطوائف البروتستانتية رؤوا في الأصل اليوناني للكلمة بعدم استخدام أليصابات مصطلح يهوه وإنما مصطلح الرب إشارة لعدم شرعية اللقب،بجميع الأحوال فإن مختلف المواقف والتفاسير تتفق أن الآيات تحوي إكرامًا خاصًا لمريم العذراء: فطوبى للتي آمنت أنه سيتم ما قبل لها من الرب.[لوقا 45/1] ينتقل لوقا حينه لذكر نشيد مريم الذي أنشدته خلال زيارتها لأليصابات وهو يتشابه مع المواضيع العامة للعهد القديم: صورت مريم في نشيدها الله نصيرًا للفقراء والأذلاء والمحتقرين. وذكرت بوعده بالخلاص،[لوقا 55/1] وبختام النشيد، يختم إنجيل لوقا زيارة العذراء: وأقامت مريم عند أليصابات نحو ثلاث أشهر ثم رجعت إلى بيتها.[لوقا 55/1] والراجح أن مريم مكثت في بيت زكريا إلى أن وضعت أليصابات ولدها، لكن لوقا أراد أن يختم موضوع سفر مريم قبل أن ينتقل إلى موضوع آخر أي مولد يوحنا المعمدان وتسميته وختانه،[42] أما في خصوص وقت الزيارة الطويل فهذا يعود: لصعوبة الانتقالات والمواصلات فضلاً عن ندرتها حينها، كانت الزيارات لفترات طويلة أمرًا عاديًا، ولا بدّ أن مريم كانت عونًا كبيرًا لأليصابات التي كانت تحتمل عناء حملها الأول وهي في سن متقدمة

ميلاد يسوع :
يقدم إنجيل لوقا الإطار العام لميلاد يسوع فقد أصدر أغسطس قيصر مرسومًا بإحصاء سكان الإمبراطورية الرومانية،[لوقا 1/2] ولهذه المناسبة: ذهب الجميع ليتسجلوا كل واحدٍ إلى بلدته، وصعد يوسف أيضًا من مدينة الناصرة بمنطقة الجليل إلى مدينة داود المدعوة بيت لحم بمنطقة اليهودية، لأنه كان من بيت داود وعشيرته، ليتسجل هناك مع مريم المخطوبة له وهي حبلى.[لوقا 3/2] لقد استخدم إنجيل لوقا مصطلح خطيبته رغم أنها كانت زوجته آنذاك أمام المجتمع،[متى 24/1] وفي هذا إشارة إلى الاعتقاد المسيحي ببتولية مريم العذراء، وبينما كانا هناك تمت أيامها لتلد،[لوقا 5/2] فيذكر إنجيل لوقا كيف ولدت يسوع ولفته بقماط وأنامته في مذود،[لوقا 7/2] إن ذكر المذود هو أساس الاعتقاد بأن يسوع ولد في حظيرة، فقد كانت الحظائر آنذاك عبارة عن كهوف تحوي مذودًا، ويعتبر هذا المكان مظلمًا وقذرًا، سبب ذلك لأن مريم لم تجد مكانًا لتضع فيه مولودها في منزل أو فندق،[لوقا 8/2] ويرى آباء الكنيسة في ذلك دروسًا روحيّة عديدة،أما القماط فيسود الاعتقاد بأنه إشارة سابقة لتكفين يسوع وبالتالي موته.

بحسب إنجيل يعقوب المنحول، فإن سالومة وهي أيضًا إحدى قريبات العذراء إضافة إلى قابلة مشرفة على ولادتها حضرا الميلاد؛ بحسب الإنجيل المنحول أيضًا فقد كانت سالومة تشكك في أن مريم قد حبلت فعلاً من الروح القدس وأنها كانت وستبقى عذراءً، فعندما ولدت العذراء تعجبت القابلة وسالومة فقد ظلت مريم عذراءًا على الرغم من ولادتها، إذاك هتفت سالومة وتهللت وآمنت بكل ما كانت مريم قد أخبرتها به.

رواية الأناجيل المنتحلة عمومًا غير مأخوذ بها في الكنيسة أو في العقائد المسيحية غير أنها هامة لدراسة الفكر الديني لدى المسيحيين في القرون الأولى، كما أنها تعكس إكرام العذراء منذ العصور المبكرة في المسيحية، أما في رواية الميلاد الرسمية لا تذكر سالومة أو القابلة، لكن يذكر رعاة وقد ظهر لهم ملائكة وأرشدوهم إلى مكان الميلاد: وجاؤوا مسرعين فوجدوا مريم ويوسف والطفل مضجعًا في مذود.[لوقا 16/2] وتختم رواية الميلاد: وأما مريم فكانت تحفظ هذه الأمور جميعًا وتتأملها في قلبها.[لوقا 19/2]

يبدو بحسب الأناجيل أن إقامة مريم ويوسف قد طالت في بيت لحم،] فختن الصبي وسمي يسوع في يومه الثامن،[لوقا 21/2] وبعد أربعين يومًا صعدا به إلى أورشليم ليقدماه في الهيكل وفق الشريعة اليهودية، وترتبط التقدمة بأم المولود عمومًا، إذ تتم التقدمة بعد أربعين يومًا لأنها مدة تطهير المرأة التي وضعت مولودًا ذكرًا حسب الشريعة اليهودية، أما لو وضعت المرأة أنثى تطول مدة التطهير ثمانين يومًا، وخلال التقدمة كانت في الهيكل سمعان البار، والنبية حنّة بنت فنوئيل،[لوقا 36/2] الذين أخذا حسب إنجيل لوقا بالتهليل والتسبيح لأنها أبصرا يسوع،[لوقا 26/2] وقدّم سمعان البار نبؤة: ثم باركهما وقال لمريم أم الطفل: ها إن هذا الطفل قد جعل سقوط كثيرين وقيام كثيرين في إسرائيل، وحتى أنت سيخترق سيف الحزن نفسك لكي تنكشف الأفكار عن قلوب كثيرة.[لوقا 35/2] وستشكل الآيتين السابقتين أساس الاعتقاد الكاثوليكي اللاحق بكون مريم “شريكة الفداء”.

الحدث الآخر اللاحق للميلاد والذي تظهر في العذراء هو زيارة المجوس الثلاثة ويظهرون في بعض الترجمات تحت اسم الحكماء،على عكس ما هو شائع شعبيًا، يعتقد المسيحيون أن زيارة المجوس قد تمت وقد تجاوز عمر يسوع العام أو العامين،وليس مباشرًا بعد الميلاد، (انظر إنجيل متى 16/2) يعتقد بعض اللاهوتيين المفسرين أن المجوس الثلاثة جاؤوا من العراق وربما كانوا من اليهود الذين ظلوا في بابل بعد العودة من السبي، غير أن بعضهم الآخر يعتقد أنهم جاؤوا من الأردن أو شبه الجزيرة العربية أي أنهم كانوا عربًا لأن هداياهم التي قدموها، الذهب والبخور والمر هي من الأشياء التي اشتهرت بها بلاد العرب، ويرى بعض اللاهوتيين أيضًا أن النجم الذي قادهم إلى بيت لحم هو اقتران كواكب المشتريوزحلوالمريخ الذي تم بحدود العامين 5 إلى 6قبل الميلاد ودخلوا البيت فوجدوا الصبي مع أمه مريم، فجثوا وسجدوا له ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا ذهبًا وبخورًا ومرًا.

بعد حياة يسوع العلنية "
تذكر مريم في سفر أعمال الرسل 1/ 12-14 مع الحاضرين في أورشليم من التلاميذ الاثني عشر بعيد صعود يسوع إلى السماء وفق الكتاب المقدس وهي الوحيدة التي ذكرت باسمها؛ ويذكر السفر: أنهم كانوا جميعًا يداومون على الصلاة بقلب واحد.[أعمال 14/1] كذلك فقد كانت مريم حاضرة عند اختيار خلف يهوذا الإسخريوطي، وعند حلول الروح القدس، ويعتبر هذا الحدث هامًا إذ إنه وفق المعتقدات المسيحية فهو يمثل ميلاد الكنيسة، وبداية عصر الرسل.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق