بحث داخل المدونة

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 5 سبتمبر 2014

لمحة تاريخية: تاريخ حياة العالم الجليل إبن كثير

بداية حياته
ولد سنة 700 هجرية كما ذكر أكثر من مترجم له أو بعدها بقليل كما قال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة.

وكان مولده بقرية "مجدل" من أعمال بصرى من اعمال دمشق, و كان أبوه من أهل بصرى و أمه من قرية مجدل.

قال رضي الله عنه عن نفسه في البداية و النهاية : " كان قومي ينتسبون إلى الشرف و بأيديهم نسب ، وقف على بعضها شيخنا المزي - يقصد الامام الحافظ شيخ الاسلام المزي رضي الله عنه - فأعجبه ذلك و ابتهج به ، فصار يكتب في نسبي بسبب ذلك :القرشي " - بتصرف قليل -

  طلبه للعلم
بدأ ابن كثير بالاشتغال بالعلم على يد أخيه عبد الوهاب, ثم اجتهد في تحصيل العلوم على العلماء الكبار في عصره, و ختم القرآن الكريم سنة 711 كما صرح بذلك في البداية و النهاية, و قرأ بالقراءات حتى عده الداودي و ترجم له في طبقاتهم التي ألفها.

  مشائخه
شيخه في القرآن ابن غيلان البعلبكي الحنبلي المتوفى سنة 730هـ. 
شيخه في القراءات محمد بن جعفر اللباد المتوفى سنة 724هـ. 
شيخه في النحو ضياء الدين الزربندي المتوفى سنة 723هـ. 
الحافظ ابن عساكر المتوفى سنة 723هـ. 
المؤرخ البرزالي المتوفى سنة 739هـ. 
ابن الزملكاني المتوفى سنة 727هـ. 
ابن قاضي شهبة المتوفى سنة 726هـ. 
شيخ الاسلام ابن تيمية المتوفى سنة 727هـ. 
حافظ ذلك الزمان الحافظ المزي المتوفى سنة 742هـ. 
و الحافظين الجليلين : شيخ الإسلام ابن تيمية و المزي ، هما من أكثر من تأثر بهما من شيوخه, فلذلك ولع بمحبة اهل الحديث و الأثر ، و اعتقاد عقيدتهم و مجانبة العقائد الزائغة

  أهم مصنفاته:
تفسير القرآن العظيم، و هو أجل مؤلفاته فقد تلقته الأمة بالقبول و يعتبر أصح تفسير للقرآن. 
البداية و النهاية، وهي موسوعة ضخمة تضم التاريخ منذ بدأ الخلق إلى القرن الثامن الهجري حيث جزء النهاية مفقود. 
التكميل في الجرح و التعديل و معرفة الثقاة و الضعفاء و المجاهيل. 
الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث. 
شرحه للبخاري ، وهو مفقود. 

 حديثنا اليوم عن إمام جليل، وحافظ عليم، ومفسر قدوة، طار صيته في الآفاق، ونال القبول في الحياة قبل الممات، إنه إسماعيل بن عمرو بن كثير الدمشقي، الفقيه الشافعي .

تلقى العلم عن أكابر علماء عصره، ومن بينهم ابن تيمية الذي لازمه فترة، وامتحن بسببه، وكان ميالاً إلى كثير من آرائه واجتهاداته .

كان رحمه الله على مبلغ من العلم عظيم، وعلى مكان من العقل وفير، شهد له أهل العلم بذلك؛ فهذا ابن حجر يصفه بأنه " كان كثير الاستحضار، حسن المفاكهة، وطارت تصانيفه في البلاد في حياته، وانتفع بها الناس بعد وفاته "، أما الإمام الذهبي فيقول في وصفه: " الإمام المفتي، المحدث البارع، فقيه متفنن، محدث متقن، مفسر نقَّال، له تصانيف مفيدة ". ومهما قال القائلون فيه، فإن شخصية ابن كثير العلمية تتجلى بوضوح لمن يقرأ "تفسيره" أو "تاريخه" وهما من خير ما ألَّف، وأجود ما أَخرج للناس، فقد أجاد فيهما وأفاد . 

فتفسيره - وهو موضوع حديثنا - المسمى " تفسير القرآن العظيم" يُعدُّ من أشهر ما دُوِّن في موضوع التفسير بالمأثور، وهو بهذا الاعتبار يأتي بعد تفسير الطبري .

ومما امتاز به هذا التفسير سهولة عبارته، وإيجاز صياغته؛ فقارئه لا يحتاج إلى كثير عناء لتحصيل المعنى المراد، وهو أيضًا ليس بالطويل الممل، ولا بالوجيز المخِلَّ، بل كان طريقًا وسطًا، بين بين . 

وقد صدَّر ابن كثير "تفسيره" بمقدمة هامة ضمَّنها كثيرًا من الأمور ذات الصلة بالقرآن الكريم وتفسيره، واعتمد في ذلك على كلام شيخه ابن تيمية - رحمه الله - في مقدمته التفسيرية .

أما عن منهج ابن كثير في "تفسيره" فيمكن حصره في خطوات ثلاث: 

الأولى: اعتماده تفسير القرآن الكريم على المأثور؛ فهو أولاً يفسر الآية بآية أخرى، وهو في هذا شديد العناية، وبارع إلى أقصى غاية في سرد الآيات المتناسبة في المعنى الواحد. ثم بعد ذلك يشرع في سرد الأحاديث المتعلقة بالآية المراد تفسيرها، ويبين ما يُقبل من تلك الأحاديث وما لا يُقبل. ثم يشفع هذا وذاك بذكر أقوال الصحابة والتابعين، ومَن بعدهم من أهل العلم، ويرجِّح ما يراه الأرجح، ويُعْرِض عن كل نقل لم يصح ثبوته، وعن كل رأي لم ينهض به دليل .

الثانية: ومن منهجه - وهو مما امتاز به - أن ينبِّه إلى ما في التفاسير من منكرات المرويات الإسرائيلية؛ فهو مثلاً عند تفسيره لقصة البقرة، وبعد أن يسرد الروايات الواردة في ذلك نجده يقول: "...والظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل، وهي مما يجوز نقلها، ولكن لا تصدق ولا تكذب، فلهذا لا يعتمد عليها إلا ما وافق الحق عندنا..." وقد حدد موقفه من الروايات الإسرائيلية، فقال: " وإنما أباح الشارع الرواية عنهم، في قوله صلى الله عليه وسلم: (... وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ...) فيما قد يُجوِّزه العقل، فأما فيما تحيله العقول، ويحكم فيه بالبطلان، ويغلب على الظنون كذبه فليس من هذا القبيل".

أما الخطوة الثالثة من منهجه، فتظهر من خلال التعرف على موقفه من آيات الأحكام، إذ نجده ينقل أقوال أهل العلم في مسائل الأحكام، مشفوعة بأدلة كل منهم، ثم يُرجِّح من أقوالهم ما يرى أن الدليل يدعمه، أو أن السياق يؤيده؛ وهو في كل ذلك مقتصد غير مسرف، ومعتدل غير مفرط .

وعلى الجملة...فإن تفسير ابن كثير من أخير التفاسير بالمأثور وأنفعها، وأقومها سبيلاً، يُنْبِئُكَ بهذا قبول الناس له قديمًا وحديثًا، ويكفيك في هذا ما قاله الإمام السيوطي - رحمه الله - في حق هذا التفسير: " بأنه لم يؤلَّف على نمطه مثله " .

وبعد...يشار أخيرًا إلى أن هذا التفسير قد طُبع أكثر من طبعة، وقام على تحقيقه وتخريج أحاديثه عدد من العلماء، المشهود لهم بالخير والصلاح، وطول الباع في هذا الشأن، وقد قدموا بعملهم هذا خدمة جليلة لهذا التفسير، الذي لا يزال يحظى برضى الجميع من الخاصة والعامة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق