بحث داخل المدونة

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 31 أغسطس 2014

السلطان محمد الفاتح

السلطان الغازي محمد الثاني الفاتح وبالتركية العثمانية: فاتح سلطان محمد خان ثاني، هو سابع سلاطين الدولة العثمانية وسلالة آل عثمان، يُلَقَّب -إلى جانب الفاتح- بأبي الفتوح وأبي الخيرات، وبعد فتح القسطنطينية أُضيف لقب قيصر إلى ألقابه وألقاب باقي السلاطين الذين تلوه.

يُعرف السلطان محمد الفاتح بأنه قضى نهائيًّا على الإمبراطورية البيزنطية بعد أن استمرَّت أكثر من أحد عشر قرنًا. وقد حَكَمَ ما يقرب من ثلاثين عامًا، وتابع السلطان محمد فيها فتوحاته في آسيا، فوحَّد ممالك الأناضول، وتوغَّل في أوربا حتى بلجراد، من أبرز أعماله الإدارية دمجه للإدارات البيزنطية القديمة في جسم الدولة العثمانية المتوسِّعة آنذاك.

مولد محمد الفاتح ونشأته
وُلد محمد الفاتح في (27 من رجب 835هـ= 30 من مارس 1432م) في مدينة أدرنة، عاصمة الدولة العثمانية آنذاك، ونشأ في كنف أبيه السلطان مراد الثاني سادس سلاطين الدولة العثمانية، الذي تعهَّده بالرعاية والتعليم؛ ليكون جديرًا بالسلطنة والنهوض بمسئولياتها؛ فأتم حفظ القرآن، وقرأ الحديث، وتعلَّم الفقه، ودرس الرياضيات والفلك وأمور الحرب، وإلى جانب ذلك تعلَّم العربية والفارسية واللاتينية واليونانية.

عهد إليه أبوه بإمارة مغنيسيا وهو صغير السن ليتدرَّب على إدارة شئون الدولة وتدبير أمورها، تحت إشراف مجموعة من كبار علماء عصره؛ مثل: الشيخ آق شمس الدين، والمُلَّا الكوراني؛ وهو ما أثَّر في تكوين شخصية الأمير الصغير، وبناء اتجاهاته الفكرية والثقافية بناءً إسلاميًّا صحيحًا.

وبرز دور الشيخ آق شمس الدين في تكوين شخصية محمد الفاتح، وبثَّ فيه منذُ صغره أمرين؛ هما: مضاعفة حركة الجهاد العثمانية، والإيحاء دومًا لمحمدٍ منذُ صغره بأنه الأمير المقصود بالحديث النبوي الذي ورد في مسند أحمد بن حنبل رحمه الله: حدَّثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، قال: حدَّثنا زيد بن الحباب، قال: حدَّثني الوليد بن المغيرة المعافريُّ، قال: حدَّثني عبد الله بن بشرٍ الخثعميُّ، عن أبيه، أنَّه سَمِعَ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الأَمِيرُ أَمِيرُهَا، وَلَنِعْمَ الجَيْشُ ذَلِكَ الجَيْشُ»[1]. لذلك كان الفاتح يطمع أن ينطبق عليه حديث نبي الإسلام، فشبَّ طامح النفس، عالي الهمَّة، موفور الثقافة، رهيف الحسِّ والشعور، أديبًا شاعرًا، فضلًا عن إلمامه بشئون الحرب والسياسة؛ فقد اشترك مع أبيه السلطان مراد في حروبه وغزواته.

السلطان محمد الثاني وتولي الحكم
تولَّى محمد الفاتح السلطنة بعد وفاة أبيه في 5 من المحرم 855هـ= 7 من فبراير 1451م، وبدأ في التجهيز لفتح القسطنطينية، ليُحقِّق الحُلْم الذي يُراوده، وفي الوقت نفسه يُسَهِّل لدولته الفتية الفتوحات في منطقة البلقان، ويجعل بلاده متصلة لا يفصلها عدوٌّ يتربَّص بها، وليكون هو محلَّ البشارة النبوية.

استعدادات السلطان محمد الثاني لفتح القسطنطينية
استعدَّ السلطان محمد الثاني سياسيًّا وعسكريًّا لذلك الفتح؛ فمن الإجراءات السياسية أنه جدَّد المعاهدات واتفاقيات الهدنة مع جميع جيرانه، ومَنْ تربطهم عَلاقات معينة بالدولة كالبندقية وجنوة والصرب، وفرسان القديس يوحنا وغيرهم، وكان الهدف هو عزل الدولة البيزنطية عن جيرانها سياسيًّا وعسكريًّا.

ثم حشد الفاتح أكثر من ربع مليون جندي أحدقوا بالقسطنطينية من البَرِّ، واستمرَّ حصار المدينة ثلاثة وخمسين يومًا، تمَّ خلالها بناء منشآت عسكرية ضخمة، واستقدام خيرة الخبراء العسكريين، ومن بينهم الصانع المجري الشهير أوربان، والذي استطاع صُنْعَ مدافع عظيمة تقذف كرات هائلة من الحجارة والنار على أسوار القسطنطينية.

وقد بذل البيزنطيون قصارى جهدهم في الدفاع عن المدينة، واستُشهِد عدد كبير من العثمانيين في عمليات التمهيد للفتح، وكان من بين العقبات الرئيسية أمام الجيش العثماني تلك السلسلة الضخمة؛ التي وضعها البيزنطيون ليتحكَّمُوا بها في مدخل القرن الذهبي، والتي لا يمكن فتح المدينة إلَّا بتخطِّيها، وقد حاول العثمانيون تخطِّي هذه السلسلة دون جدوى؛ فنقل سبعين سفينة بعد أن مُهِّدت الأرض وسوُيت في ساعات قليلة، وتمَّ دهن الألواح الخشبية ووضعها على الطريق تمهيدًا لجرِّ السفن عليها مسافة ثلاثة أميال، وقد تمَّ كل هذا في ليلة واحدة، وبعيدًا عن أنظار العدوِّ، فتمَّ استكمال حصار المدينة من كل الجبهات.

ومن أبرز ما استعدَّ له لهذا الفتح المبارك أن صبَّ مدافع عملاقة لم تشهدها أوربا من قبل، وقام ببناء سفن جديدة في بحر مرمره؛ لكي تسدَّ طريق الدردنيل، وشيَّد على الجانب الأوربي من البوسفور قلعة كبيرة عُرفت باسم قلعة روملي حصار؛ لتتحكم في مضيق البوسفور.

فتح القسطنطينية
بعد أن أتمَّ السلطان الغازي محمد الثاني كل الوسائل التي تُعينه على فتح القسطنطينية، زحف بجيشه البالغ 265 ألف مقاتل من المشاة والفرسان، تصاحبهم المدافع الضخمة، واتَّجهوا إلى القسطنطينية، وفي فجر يوم الثلاثاء الموافق (20 من جمادى الأولى 857هـ= 29 من مايو 1453م) نجحت قوَّات محمد الفاتح في اقتحام أسوار القسطنطينية؛ وذلك في واحدة من العمليات العسكرية النادرة في التاريخ، وقد لُقِّب السلطان محمد الثاني من وقتها بمحمد الفاتح وغلب عليه، فصار لا يُعرف إلَّا به.

ولما دخل المدينة ترجَّل عن فرسه، وسجد لله شكرًا، ثم توجَّه إلى كنيسة آيا صوفيا، وأمر بتحويلها إلى مسجدٍ، وأمر بإقامة مسجد في موضع قبر الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري، الذي كان ضمن صفوف المحاولة الأولى لفتح المدينة العريقة، وقرَّر اتخاذ القسطنطينية عاصمة لدولته، وأطلق عليها اسم إسلام بول؛ أي دار الإسلام، ثم حُرِّفت بعد ذلك واشْتُهرت بإسطنبول، وانتهج سياسة متسامحة مع سُكَّان المدينة، وكفل لهم ممارسة عباداتهم في حرية كاملة، وسمح بعودة الذين غادروا المدينة في أثناء الحصار إلى منازلهم.

السلطان محمد الفاتح واستكمال الفتوحات

بعد إتمام هذا الفتح الذي حَقَّقه محمد الثاني -وهو لا يزال شابًّا لم يتجاوز الخامسة والعشرين- اتَّجه إلى استكمال الفتوحات في بلاد البلقان، ففتح بلاد الصرب سنة (863هـ= 1459م)، وبلاد المورة باليونان عام (865هـ= 1460م)، وبلاد الأفلاق والبغدان (رومانيا) سنة (866هـ= 1462م)، وألبانيا بين عامي (867-884هـ= 1463-1479م)، وبلاد البوسنة والهرسك بين عامي (867-870هـ= 1463-1465م)، ودخل في حرب مع المجر سنة (881هـ= 1476م)، كما اتجهت أنظاره إلى آسيا الصغرى؛ ففتح طرابزون سنة (866هـ= 1461م).

وقد كان من بين أهداف محمد الفاتح أن يكون إمبراطورًا على روما، وأن يجمع فخارًا جديدًا إلى جانب فتحه القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية؛ ولكي يُحَقِّق هذا الأمل الطموح كان عليه أن يفتح إيطاليا، فأعدَّ لذلك عُدَّتَه، وجهَّز أسطولًا عظيمًا، وتمكَّن من إنزال قوَّاته وعدد كبير من مدافعه بالقرب من مدينة «أوترانت»، ونجحت تلك القوات في الاستيلاء على قلعتها، وذلك في (جمادى الأولى 885هـ= يوليو 1480م).

وعزم محمد الفاتح على أن يَتَّخذ من تلك المدينة قاعدة يزحف منها شمالًا في شبه جزيرة إيطاليا؛ حتى يصل إلى روما، لكن المنيَّة وافته في (4 من ربيع الأول 886هـ=3 من مايو 1481م).

محمد الفاتح رجل الدولة وراعي الحضارة
لم تكن ميادين الجهاد والحرب التي خاضها محمد الفاتح خلال مدَّة حكمه -التي بلغت ثلاثين عامًا- هي أبرز إنجازاته؛ حيث اتسعت الدولة العثمانية اتساعًا عظيمًا لم تشهده من قبل، وإنما كان محمد الفاتح رجل دولة من طراز رفيع، فقد استطاع بالتعاون مع الصدر الأعظم قرة مانلي محمد باشا، وكاتبه ليث زاده محمد جلبي وضع الدستور المسمَّى باسمه، وقد بقيت مبادئه الأساسية سارية المفعول في الدولة العثمانية حتى عام (1255هـ= 1839م).

واشتهر محمد الفاتح بأنه راعٍ للحضارة والأدب، وكان شاعرًا مجيدًا له ديوان شعر، وقد نشر المستشرق الألماني «ج. جاكوب» أشعاره في برلين سنة (1322هـ= 1904م)، وكان الفاتح يُدَاوم على المطالعة وقراءة الأدب والشعر، ويُصاحب العلماء والشعراء، ويصطفي بعضهم ويُوليهم مناصب الوزارة.

ومن شغفه بالشعر عهد إلى الشاعر شهدي أن يُنَظِّم ملحمة شعرية تُصَوِّر التاريخ العثماني على غرار الشاهنامة التي نظمها الفردوسي، وكان إذا سمع بعالم كبير في فنٍّ من الفنون قدَّم له يد العون والمساعدة بالمال، أو باستقدامه إلى دولته للاستفادة من علمه، مثلما فعل مع العالم الفلكي الكبير علي قوشجي السمرقندي، وكان يُرسل كلَّ عامٍ مالًا كثيرًا إلى الشاعر الهندي خواجه جيهان، والشاعر الفارسي عبد الرحمن جابي.

واستقدم محمد الفاتح رسامين من إيطاليا إلى القصر السلطاني؛ لإنجاز بعض اللوحات الفنية، وتدريب بعض العثمانيين على هذا الفنِّ.

وعلى الرغم من انشغال الفاتح بالجهاد؛ فإنه عُني بالإعمار وتشييد المباني الراقية، فعلى عهده أنشئ أكثر من ثلاثمائة مسجد؛ منها 192 مسجدًا وجامعًا في إسطنبول وحدها، بالإضافة إلى 57 مدرسة ومعهدًا، و59 حمامًا.

ومن أشهر آثاره المعمارية مسجد السلطان محمد، وجامع أبي أيوب الأنصاري، وقصر سراي طوب قبو.

لقد كان الفاتح مسلمًا ملتزمًا بأحكام الشريعة الإسلامية، تقيًّا ورعًا؛ وذلك بفضل النشأة التي نشأها وأثَّرت فيه تأثيرًا عظيمًا، أمَّا سلوكه العسكري فكان سلوكًا متحضِّرًا لم تشهده أوربا في عصورها الوسطى، ولم تعرفه شريعتها من قبلُ.

وفاة محمد الفاتح
في شهر ربيع الأول من عام (886هـ= 1481م) غادر السلطان الفاتح القسطنطينية على رأس جيش كبير، وكان السلطان محمد الفاتح قبل خروجه قد أصابته وعكة صحيَّة، إلَّا أنه لم يهتمّ بذلك لشدَّة حُبِّه للجهاد، وشوقه الدائم للغزو، وخرج بقيادة جيشه بنفسه، وقد كان من عادته أن يجد في خوض غمار المعارك شفاءً لما يُلِمُّ به من أمراض، إلَّا أن المرض تضاعف عليه هذه المرَّة، وثقلت وطأته فطلب أطباءه، غير أن القضاء عاجله؛ فلم ينفع فيه تطبيب ولا دواء، ومات السلطان الفاتح وسط جيشه يوم الخميس (4 من ربيع الأول 886هـ= 3 من مايو 1481م)، وهو في الثانية والخمسين من عمره بعد أن حكم إحدى وثلاثين عامًا.

لم يكن أحدٌ يعلم شيئًا عن الجهة التي كان سيذهب إليها السلطان الفاتح بجيشه، وذهبت ظنون الناس في ذلك مذاهب شتَّى؛ فهل كان يقصد رودس ليفتح هذه الجزيرة التي امتنعت على قائده مسيح باشا؟ أم كان يتأهَّب للَّحَاق بجيشه الظافر في جنوبي إيطاليا، ويزحف بنفسه بعد ذلك إلى روما وشمالي إيطاليا ففرنسا وإسبانيا؟

لقد ظلَّ ذلك سرًّا طواه الفاتح في صدره ولم يَبُحْ به لأحد، ثم طواه الموت بعد ذلك.
لقد كان من عادة الفاتح أن يحتفظ بالجهة التي يقصدها، ويتكتَّم أشدَّ التكتُّم، ويترك أعداءه في غفلة وحيرة من أمرهم، لا يدري أحدهم متى تنزل عليه الضربة القادمة، ثم يتبع هذا التكتُّم الشديد بالسرعة الخاطفة في التنفيذ؛ فلا يدعُ لعدوِّه مجالًا للتأهُّب والاستعداد، وذات مرَّة سأله أحد القضاة: أين تقصد بجيوشك؟ فأجابه الفاتح: «لو أن شعرة في لحيتي عرفت ذلك لنتفتُها وقذفتُ بها في النار».

لقد كانت من أهداف الفاتح أن يمضي بفتوحات الإسلام من جنوب إيطاليا إلى أقصاها في الشمال، ويستمرّ في فتوحاته بعد ذلك إلى فرنسا وإسبانيا، وما وراءها من الدول والشعوب والأمم.

ويُقال: إن السلطان محمد الفاتح قد قُتل بالسم عن طريق طبيبه الخاص يعقوب باشا بعد أن حرضه أهل البندقية على أن يقوم هو باغتياله، ولم يكن يعقوب مسلمًا عند الولادة؛ فقد وُلِدَ بإيطاليا، وقد ادَّعى الهداية وأسلم، وبدأ يعقوب يدسُّ السُّمَّ تدريجيًّا للسلطان، ولكن عندما علم بأمر الحملة زاد جرعة السمِّ؛ حتى توفي السلطان بعد أن قضى فترة حكمه في حروب متواصلة للفتح وتقوية الدولة وتعميرها، وأتمَّ في خلالها مقاصد أجداده؛ ففتح القسطنطينية وجميع ممالك وأقاليم آسيا الصغرى والصرب والبوسنة وألبانيا وبلاد المورة، وحقَّق الكثير من المنجزات الإدارية الداخلية، التي سارت بدولته على درب الازدهار، ومهَّدت الطريق أمام السلاطين اللاحقين ليُرَكِّزُوا على توسيع الدولة وفتح أقاليم جديدة.

وقد انكشف أمر يعقوب فيما بعدُ، فأعدمه حرس السلطان، ووصل خبر موت السلطان إلى البندقية بعد 16 يومًا؛ حيث جاء الخبر في رسالة البريد السياسي إلى سفارة البندقية في القسطنطينية، واحتوت الرسالة على هذه الجملة: «لقد مات النسر الكبير». انتشر الخبر في البندقية ثم إلى باقي أوربا، وراحت الكنائس في أوربا تدقُّ أجراسها لمدَّة ثلاثة أيام بأمر من البابا.

دُفن السلطان في المدفن المخصوص الذي أنشأه في أحد الجوامع التي أسسها في الأستانة، وترك وراءه سمعة مهيبة في العالمين الإسلامي والمسيحي.

وصية محمد الفاتح قبل وفاته
كانت وصية محمد الفاتح لابنه بايزيد الثاني وهو على فراش الموت تُعَبِّر أصدق التعبير عن منهجه في الحياة، وقيمه ومبادئه التي آمن بها، والتي يتمنَّى من خُلفائه من بعده أن يسيروا عليها؛ فقال فيها: «هأنذا أموت، ولكني غير آسف لأني تارك خَلَفًا مثلك؛ كن عادلًا صالحًا رحيمًا، وابسط على الرعية حمايتك بدون تمييز، واعمل على نشر الدين الإسلامي؛ فإن هذا هو واجب الملوك على الأرض، قدِّم الاهتمام بأمر الدين على كل شيء، ولا تفتر في المواظبة عليه، ولا تستخدم الأشخاص الذين لا يهتمُّون بأمر الدين، ولا يجتنبون الكبائر وينغمسون في الفحش، وجَانِب البدعَ المفسدة، وباعِدِ الذين يُحَرِّضُونك عليها، وَسِّعْ رقعة البلاد بالجهاد، واحرس أموال بيت المال من أن تَتَبَدَّد، إيَّاك أن تمدَّ يدك إلى مال أحد من رعيَّتك إلَّا بحقِّ الإسلام! واضمن للمعوزين قوتهم، وابذل إكرامك للمستحقِّين.

وبما أن العلماء هم بمثابة القوَّة المبثوثة في جسم الدولة، فعظِّم جانبهم وشجِّعهم، وإذا سمعتَ بأحد منهم في بلد آخر فاستقدمه إليك وأكرمه بالمال.

حذار حذار لا يغرَّنَّك المال ولا الجند! وإيَّاك أن تُبعد أهل الشريعة عن بابك! وإيَّاك أن تميل إلى أيِّ عمل يُخالف أحكام الشريعة! فإن الدين غايتنا, والهداية منهجنا وبذلك انتصرنا.
خذ منِّي هذه العبرة: حضرتُ هذه البلاد كنملة صغيرة، فأعطاني الله تعالى هذه النعم الجليلة، فالزم مسلكي، واحذ حذوي، واعمل على تعزيز هذا الدين وتوقير أهله، ولا تصرف أموال الدولة في ترفٍ أو لهوٍ أو أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ اللزوم؛ فإن ذلك من أعظم أسباب الهلاك».

الثلاثاء، 12 أغسطس 2014

مواقف تاريخية مضحكة


الملكة فاندين : 
أمرت بسجن حلاقها الخاص مدة 3 أعوام حتى لا يعلم أحد أن الشيب قد ملأ شعرها .

الملكة العذراء :  
الملكة إليزابيث الأولى ملكة بريطانيا جلست على العرش وهى عذراء فى الخامسة والعشرين من عمرها .. وبقيت ملكة لمدة 45 عاماً أعطت فيها كل حبها لبلادها .. حتى الزواج كانت تنفر منه وكانت دائماً تقول .. أننى أفضل أن أتسول بلا زواج على أن أكون ملكة متزوجة . 

 آن برلين : 
زوجة الملك هنرى الثامن كانت تلبس القفاز بصفة مستمرة صيفاً وشتاء وذلك لتخفى إصبعاً سادساً من يديها . 

كليوباترا :  
ملكة مصر كانت إذا أرادت أن تفتح شهيتها تأكل قطعة من الشمام مُتبلة بالثوم .

مارى تريزا : إمبراطورة النمسا وكانت من أسعد الأمهات إذ كانت أماً لستة عشر ولداً وبنتاً وكان من بينهم 2 إمبراطور و 3 ملكات .

لوليا بولينا : 
زوجة قيصر كاليجولا ، كانت ترتدى أثواباً لا يقل ثمن الثوب الواحد عن 200000 دولار إضافة إلى عقد اللؤلؤ الذى كان يبلغ ثمنه 3.500.000 دولار .

ايننزى كاستور : زوجة بيدرا الأول ملكة البرتغال ، إغتالها أحد الأفراد فلما أصبح زوجها ملكاً أخرج جثتها من القبر ونصبها على العرش وقال لشعبه أنها ملكة البرتغال فأصبحت أول ملكة تحكم شعبها بعد موتها .

الملكة مارجريت : 
ملكة النمسا زوجة فيليب الثالث ، رفضت أن تستلم هدية قدمها لها أصحاب الجوارب الحريرية ، ووبختهم بشدة على هديتهم .. وقد زال غضبهم وحدتهم بعد أن عرفوا أن ملكة أسبانيا تكره ساقيها النحيفتين .

ولهلمينا ماريا : 
أميرة أورانج دناسو أصبحت فيما بعد ملكة هولندا وحين تنازلت عن العرش عام 1948 قدرت ثروتها بــ 500.000.000 .

موتشيه ثيان : 
كانت خادمة فى القصر الإمبراطورى فى الصين ، وأصبحت بعد فترة إمبراطورة الصين بعد أن قتلت أختها وأخاها وأمها والإمبراطور .

الإمبراطورة أوجينى : 
زوجة نابليون الثالث : كانت لاتلبس حذاء مهما غلا ثمنه أكثر من مرة واحدة .

إليزابيث ملكة النمسا :
كانت لا تنام إلا بعد أن تلف وسطها بمنديل مبلل بالماء لإعتقادها أن هذا المنديل يحفظ لخصرها الرشاقة والنحافة .

أما قيصرة روسيا :
حكمت مرة على أحد الأمراء الذى تآمر عليها بأن يصبح كالدجاجة لذا أحضرت قفصاً ووضعته داخل مجموعة من البيض وأرغمته على دخول القفص والجلوس فوق البيض وأن يصيح كما يصيح الدجاج .

كريستيان ايرهاردن:
ملكة بولندا ظلت ملكة لمدة ثلاثين عاماً ، منذ عام 1697 - 1727 علماً أنها لم تطأ قدماها بولندا أبداً .

ديزى كلارى:
ابنة أحد تجار مارسيليا خُطبت لثلاثة جنود ، صار كل منهم فيما بعد ملكاً .. الجندى الأول نابليون بونابرت والثانى جوزف برنادوت ، لكنها تزوجت برنادوت الذى تولى عرش السويد .

الملكة سميراميس :
وهى ملكة آشورية أصلها من دمشق .. أحبها القائد الآشورى جنزو وخطفها وأسرها عام 800 قبل الميلاد .. بالصدفة إلتقى بها الملك الأشورى نينوى وكان شاباً ذكياً وسيماً أحبها وتزوجها .. وشجعته على توسيع ملكه حتى بسط سلطانه على أراض شاسعة وشعوب عديدة .. ذات ليلة تسلل جنرو إلى الجناح الملكى وأحس به نينوى فقاما وتقاتلا فقتل نينوى جنزو - لكن الظلام كان دامس فلم تميز سميراميس من المنتصر وحسبت أن جنزو قتل زوجها ولما أقبل عليها قتلته لتكتشف أنها قتلت زوجها وحبيبها

الأحد، 10 أغسطس 2014

القديسة مريم العذراء

مريم العذراء أو القديسة مريم العذراء شخصية مميزة في العهد الجديد والقرآن كأم يسوع الناصري، بولادة عذرية دون تدخل رجل، حسب المعتقدات المسيحية والإسلامية.

وفق المعتقدات المسيحية فإن مريم كانت مخطوبة ليوسف النجار، عندما بشرهاالملاكجبرائيل بحملها بيسوع وظلت بقربه حتى الصلب. الكتب الأبوكريفية المختلفة وكتابات آباء الكنيسة تتكلم عن حياتها المبكرة وحتى بداية الدعوة العلنية ليسوع، وقد قبلت هذه الكتابات بنسب متفاوت كعقائد لدى الطوائف المسيحية، وقد صيغ عدد آخر من العقائد في المسيحية تعرف باسم العقائد المريمية تتحدث عن العذراء ودورها، التي أغدقت عليها الكنيسة أيضًا عددًا كبيرًا من الألقاب، فهي الملكة والمباركة والشفيعة المؤتمنة وغيرها من الألقاب التي تندرج في إطار تكريمها، الذي تعتقد الكنائس التي تفرد لمريم مكانة خاصة أنه جزء من العقيدة المسيحية، وفي سبيل ذلك أيضًا أقامت عددًا كبيرًا من الأعياد والتذكارات في السنة الطقسية خاصة بها، وأشيدت أعداد كبيرة من الكنائس والمزارات على اسمها، إلى جانب طرق مختلفة أخرى من التكريم، ويسمى علم دراسة مريم ودورها في الكتاب المقدس والمسيحية الماريولوجيا.

ولمريم العذراء أيضًا مكانة خاصة في الإسلام وعند المسلمين، فهي خير نساء العالمين، وترتبط بها السورة الثالثة في القرآن: سورة آل عمران، وهي عائلتها وفق المعتقدات الإسلامية؛ والسورة التاسعة عشر في القرآن والتي تدعى باسمها: سورة مريم، وهي السورة الوحيدة في القرآن المسماة باسم امرأة.

حياتها المبكرة :
لا تروي الأناجيل أو أية كتابات مسيحية رسمية عن طفولة مريم العذراء أو حياتها قبل البشارة، لكن هناك عدد من الكتب الأبوكريفية التي لم تعتمد في الكنيسة ككتب رسمية لعدم صحة نسبتها إلى التلاميذ الاثني عشر أو شخصيات مقربة منهم، أو لكتابتها في تاريخ متأخر عن سائر المؤلفات التي تدعى بالقانونية أو حتى بسبب أسلوب كتابتها الشعبي،تتناول حياة مريم المبكرة بشكل مفصل، هناك إنجيل خاص يعرف باسم إنجيل مريم، وآخر يدعى إنجيل يعقوب وطفولة المخلص إلى جانب إنجيل رحلة العائلة المقدسة، وإنجيل حياة مريم وموت يوسف، وهي الأناجيل الأكثر ذكرًا للعذراء وحياتها المبكرة.

زيارة أليصابات:
تعتبر زيارة العذراء إلى أليصابات من المحطات الهامة في أحداث الميلاد، وقد خصصت لها الكنيسة أسبوعًا خاصًا من أسابيع زمن الميلاد السبعة، وكذلك تقيم تذكارًا لذلك في 2 يوليو من كل عام. ينفرد إنجيل لوقا بذكر الحادثة، ويبدأ بذكر: في تلك الأيام[لوقا 39/1] دون مزيد من الإيضاح ما دفع بعضًا من آباء الكنيسة للقول بأن الحدث قد تم عقب الزواج الاسمي من يوسف النجار والبعض الآخر أنه قد تم عقب البشارة ولحقه الزواج بيوسف، غير أن الرأي الأكثر شيوعًا أن الزيارة قد تمت بعد الزواج من يوسف، يتابع إنجيل لوقا: قامت مريم وذهبت إلى الجبال قاصدة مدينة من مدن يهوذا ودخلت بيت زكريا وسلّمت على أليصابات، ولما سمعت أليصابات سلام مريم قفز الجنين في بطنها.[لوقا 40/1] اكتسبت الآيات السابقة أهمية خاصة في المسيحية وفي كتابات آباء الكنيسة فهي تشير إلى إكرام خاص للعذراء وتشير أيضًا اللقاء الأول بين يسوع ويوحنا المعمدان وكلاهما في الحشا. ثمّ امتلأت أليصابات من الروح القدس وهتفت بصوت عالٍ قائلة: مباركة أنت بين النساء، ومباركة ثمرة بطنك.[لوقا 42/1] وقد أخذت الكنيسة عبارة أليصابات هذه مع عبارة الملاك جبرائيل لدى البشارة لتكوين الصلاة الأشهر للعذراء في المسيحية وهي السلام الملائكي، وتابعت أليصابات: فمن أين لي هذا أن تأتي إليّ أم ربي؟ فإنه ما إن وقع صوت سلامك في أذني حتى قفز الجنين ابتهاجًا في بطني.[لوقا 43/1] غير أن المعترضين من الطوائف البروتستانتية رؤوا في الأصل اليوناني للكلمة بعدم استخدام أليصابات مصطلح يهوه وإنما مصطلح الرب إشارة لعدم شرعية اللقب،بجميع الأحوال فإن مختلف المواقف والتفاسير تتفق أن الآيات تحوي إكرامًا خاصًا لمريم العذراء: فطوبى للتي آمنت أنه سيتم ما قبل لها من الرب.[لوقا 45/1] ينتقل لوقا حينه لذكر نشيد مريم الذي أنشدته خلال زيارتها لأليصابات وهو يتشابه مع المواضيع العامة للعهد القديم: صورت مريم في نشيدها الله نصيرًا للفقراء والأذلاء والمحتقرين. وذكرت بوعده بالخلاص،[لوقا 55/1] وبختام النشيد، يختم إنجيل لوقا زيارة العذراء: وأقامت مريم عند أليصابات نحو ثلاث أشهر ثم رجعت إلى بيتها.[لوقا 55/1] والراجح أن مريم مكثت في بيت زكريا إلى أن وضعت أليصابات ولدها، لكن لوقا أراد أن يختم موضوع سفر مريم قبل أن ينتقل إلى موضوع آخر أي مولد يوحنا المعمدان وتسميته وختانه،[42] أما في خصوص وقت الزيارة الطويل فهذا يعود: لصعوبة الانتقالات والمواصلات فضلاً عن ندرتها حينها، كانت الزيارات لفترات طويلة أمرًا عاديًا، ولا بدّ أن مريم كانت عونًا كبيرًا لأليصابات التي كانت تحتمل عناء حملها الأول وهي في سن متقدمة

ميلاد يسوع :
يقدم إنجيل لوقا الإطار العام لميلاد يسوع فقد أصدر أغسطس قيصر مرسومًا بإحصاء سكان الإمبراطورية الرومانية،[لوقا 1/2] ولهذه المناسبة: ذهب الجميع ليتسجلوا كل واحدٍ إلى بلدته، وصعد يوسف أيضًا من مدينة الناصرة بمنطقة الجليل إلى مدينة داود المدعوة بيت لحم بمنطقة اليهودية، لأنه كان من بيت داود وعشيرته، ليتسجل هناك مع مريم المخطوبة له وهي حبلى.[لوقا 3/2] لقد استخدم إنجيل لوقا مصطلح خطيبته رغم أنها كانت زوجته آنذاك أمام المجتمع،[متى 24/1] وفي هذا إشارة إلى الاعتقاد المسيحي ببتولية مريم العذراء، وبينما كانا هناك تمت أيامها لتلد،[لوقا 5/2] فيذكر إنجيل لوقا كيف ولدت يسوع ولفته بقماط وأنامته في مذود،[لوقا 7/2] إن ذكر المذود هو أساس الاعتقاد بأن يسوع ولد في حظيرة، فقد كانت الحظائر آنذاك عبارة عن كهوف تحوي مذودًا، ويعتبر هذا المكان مظلمًا وقذرًا، سبب ذلك لأن مريم لم تجد مكانًا لتضع فيه مولودها في منزل أو فندق،[لوقا 8/2] ويرى آباء الكنيسة في ذلك دروسًا روحيّة عديدة،أما القماط فيسود الاعتقاد بأنه إشارة سابقة لتكفين يسوع وبالتالي موته.

بحسب إنجيل يعقوب المنحول، فإن سالومة وهي أيضًا إحدى قريبات العذراء إضافة إلى قابلة مشرفة على ولادتها حضرا الميلاد؛ بحسب الإنجيل المنحول أيضًا فقد كانت سالومة تشكك في أن مريم قد حبلت فعلاً من الروح القدس وأنها كانت وستبقى عذراءً، فعندما ولدت العذراء تعجبت القابلة وسالومة فقد ظلت مريم عذراءًا على الرغم من ولادتها، إذاك هتفت سالومة وتهللت وآمنت بكل ما كانت مريم قد أخبرتها به.

رواية الأناجيل المنتحلة عمومًا غير مأخوذ بها في الكنيسة أو في العقائد المسيحية غير أنها هامة لدراسة الفكر الديني لدى المسيحيين في القرون الأولى، كما أنها تعكس إكرام العذراء منذ العصور المبكرة في المسيحية، أما في رواية الميلاد الرسمية لا تذكر سالومة أو القابلة، لكن يذكر رعاة وقد ظهر لهم ملائكة وأرشدوهم إلى مكان الميلاد: وجاؤوا مسرعين فوجدوا مريم ويوسف والطفل مضجعًا في مذود.[لوقا 16/2] وتختم رواية الميلاد: وأما مريم فكانت تحفظ هذه الأمور جميعًا وتتأملها في قلبها.[لوقا 19/2]

يبدو بحسب الأناجيل أن إقامة مريم ويوسف قد طالت في بيت لحم،] فختن الصبي وسمي يسوع في يومه الثامن،[لوقا 21/2] وبعد أربعين يومًا صعدا به إلى أورشليم ليقدماه في الهيكل وفق الشريعة اليهودية، وترتبط التقدمة بأم المولود عمومًا، إذ تتم التقدمة بعد أربعين يومًا لأنها مدة تطهير المرأة التي وضعت مولودًا ذكرًا حسب الشريعة اليهودية، أما لو وضعت المرأة أنثى تطول مدة التطهير ثمانين يومًا، وخلال التقدمة كانت في الهيكل سمعان البار، والنبية حنّة بنت فنوئيل،[لوقا 36/2] الذين أخذا حسب إنجيل لوقا بالتهليل والتسبيح لأنها أبصرا يسوع،[لوقا 26/2] وقدّم سمعان البار نبؤة: ثم باركهما وقال لمريم أم الطفل: ها إن هذا الطفل قد جعل سقوط كثيرين وقيام كثيرين في إسرائيل، وحتى أنت سيخترق سيف الحزن نفسك لكي تنكشف الأفكار عن قلوب كثيرة.[لوقا 35/2] وستشكل الآيتين السابقتين أساس الاعتقاد الكاثوليكي اللاحق بكون مريم “شريكة الفداء”.

الحدث الآخر اللاحق للميلاد والذي تظهر في العذراء هو زيارة المجوس الثلاثة ويظهرون في بعض الترجمات تحت اسم الحكماء،على عكس ما هو شائع شعبيًا، يعتقد المسيحيون أن زيارة المجوس قد تمت وقد تجاوز عمر يسوع العام أو العامين،وليس مباشرًا بعد الميلاد، (انظر إنجيل متى 16/2) يعتقد بعض اللاهوتيين المفسرين أن المجوس الثلاثة جاؤوا من العراق وربما كانوا من اليهود الذين ظلوا في بابل بعد العودة من السبي، غير أن بعضهم الآخر يعتقد أنهم جاؤوا من الأردن أو شبه الجزيرة العربية أي أنهم كانوا عربًا لأن هداياهم التي قدموها، الذهب والبخور والمر هي من الأشياء التي اشتهرت بها بلاد العرب، ويرى بعض اللاهوتيين أيضًا أن النجم الذي قادهم إلى بيت لحم هو اقتران كواكب المشتريوزحلوالمريخ الذي تم بحدود العامين 5 إلى 6قبل الميلاد ودخلوا البيت فوجدوا الصبي مع أمه مريم، فجثوا وسجدوا له ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا ذهبًا وبخورًا ومرًا.

بعد حياة يسوع العلنية "
تذكر مريم في سفر أعمال الرسل 1/ 12-14 مع الحاضرين في أورشليم من التلاميذ الاثني عشر بعيد صعود يسوع إلى السماء وفق الكتاب المقدس وهي الوحيدة التي ذكرت باسمها؛ ويذكر السفر: أنهم كانوا جميعًا يداومون على الصلاة بقلب واحد.[أعمال 14/1] كذلك فقد كانت مريم حاضرة عند اختيار خلف يهوذا الإسخريوطي، وعند حلول الروح القدس، ويعتبر هذا الحدث هامًا إذ إنه وفق المعتقدات المسيحية فهو يمثل ميلاد الكنيسة، وبداية عصر الرسل.


الأحد، 3 أغسطس 2014

محكمة الموتى

الحياة بعد الموت كانت فكرة العودة إلى الحياة ترتبط بفكرة أخرى ، هي فكرة الخلود.. و لإقامة قوانين عادلة تتحكم في عودة الموتى إلى الحياة مره أخرى ، أوجد المصريون القدماء ما يسمى بمحكمة الموت أو محكمة أوزوريس .

وأوزوريس هذا هو ملك العالم الآخر أو ملك عالم الموتى .. و بحكم منصبه السابق كان يتولى رئاسة محكمة الموتى ، و كان أوزوريس في العهود الفرعونية يعدّ رمزاً للحياة الأبدية ، وقد عُبد أيضا بوصفه إله الخصوبة الذي علم الناس زراعة الحقول 

و محكمة الموتى هذه تحاسب المتوفي على جميع أعماله التي زاولها أثناء حياته ، وتحكم بحكمها بعد ذلك ثم تأتي المرحلة الخيرة و هي أكثر المراحل إثارة إذ يتوقف عليها مصير الميت و مستقبل روحه .. إنها مرحلة وزن القلب الميت ، حيث يوضع هذا القلب في ميزان ذي كفتين وتوضع في الكفة المقابلة للقلب ريشة سحرية وعلى نتائج هذا الوزن يتقرر مصير صاحب القلب..

تتم هذه المحكمة و عملية وزن القلب في قاعة غريبة تدعى بقاعة "" مــاعــت "" أو قاعة "" مــو"" حيث يجتمع 42 إلهاً بقيادة أوزوريس لإقامة المحاكمة ، بالإضافة إلى 12 إلهاً
يتولون عملية وزن قلب المتوفى و يكونون بقيادة الإله " آنـوبـيـس " الذي يتولى هو بنفسه عملية و زن القلب ، ويجلس بالقرب منه وحش مخيف لهُ ثلاثة رؤوس يدعى " عــم – مـيـت" او آكل الموتى و مهمته هي إلتهام قلوب المخطئين المحرومين من الخلود

وتتكون محكمة الموتى او محكمة الإله أوزوريس من 42 عضوا و سوف أذكر بعض من أسماء هؤلاء الأعضاء و بجانب كل اسم ...معناه.
• يوسخ- نميت ...و يعني اسمه الطويل الخطى
• هيت – سشت ...و يعني اسمه الذي تعانقه شعلة النار
• فنتي ... و يعني اسمه الأنف
• عم – خايبيتو ... و يعني اسمه آكل الضلال
• نيها – هرا ... و يعني اسمه الوجه النتن
• ريريتي ... و يعني اسمه الأسد المزدوج او الأسد ذو الرأسين
• نيبا ... و يعني اسمه الشعلة
• ست – كسو ... و يعني اسمه محطم العظام
• ماعتا- ف- إم- سست ... و يعني اسمه العيون النارية
• خمي ... و يعني اسمه المطبخ
• أواتش- نسرت ... ويعني اسمه ذو الشعلة القوية

وتستمر سلسلة هذه الأسماء التي تعود للآلهة الذين يحضرون محكمة الموتى حتى تصل إلى 42 اسماً ، ولكل إله من هؤلاء عمل محدد يقوم به في هذه المحكمة الرهيبة و بعض هذه الأسماء مخيف و بعضها يدل على عمل أو فعل معينين فمثلاً هناك إله اسمه آكل الدم ، أو آكل الأحشاء ، أو سيد الرعب أو سيد اللعنة أو جالب ذراعه ...و نجد إيضا أسماء لآلهة قد يكونون طيبين ..كالطفل الرضيع مثلاً أو جالب القرابين أو سيد القرون أو مرتب الكلام

و عندما تحين لحظة وزن القلب فأن الميت يقول مخاطباً قلبه
  يا قلبي..يا قلبي..يا أملي..
يا قلبي الذي بوساطته جئت إلى الحياة..
أرجو أن لا تقف لتعارضني في هذه المحكمة..
أرجو أن لا تكون معارضاً لي في حضرة الآلة من الحكام..
أرجو أن لا تخذلني في حضرة صاحب الميزان ..
إنك صاحبي و الساكن في جسدي..
ليت حكام محكمة أوزوريس أن لا يجعلوك يا قلبي تنتن 
 



السبت، 2 أغسطس 2014

اسطورة انوبيس وباتا

يحكى أن أخوين كانا يسكنان في بيت واحد واسم أكبرهما أنوبيس والأصغر باتا وقد تزوج أنوبيس وأسكن معه أخاه

وكان باتا يصنع ملابس أخيه ويرعى ماشيته في الحقل ويحرث له الأرض ويحصد الزرع ويقوم بكل أعمال الحقل

وفي الحق كان باتا الصغير فلاحا ماهرا لا مثيل له في كل الأرض بقوته وكان يروح ويغدو إلى بيت أخيه محملا باللبن والعشب والكلأ والحطب ويقدمه راضيا إليه وهو جالس إلى زوجته

فإذا ما انتهى من ذلك تناول طعامه وشرابه وأخذ سبيله إلى مرقده في الحظيرة ليحرس أبقاره.

فإذا خلع الليل سواده وانبثق فجر يوم جديد كان يهيئ لأخيه طعاما ثم يأخذ طريقه إلى الحقل ويحمل معه طعامه ويسوق أبقاره ليرعاها فيمشي معها يحاورها ويتحدث إليها فتخبره عن مواضع الكلأ

ولما جاء فصل الحرث خرج مع أخيه أنوبيس وجهز الثيران لتهيئة الأرض للبذر وهما يقومان بذلك نفدت البذور فأرسله أخوه على البيت ليحضر بذرا

فلما دخل البيت وجد زوجة أخيه جالسة تمشط شعرها فلم يلتفت إليها وخرج مخزن الغلال محملا بالبذور فاستوقفته زوجة أنوبيس وابتدرته قائلة : ما مقدار ماتحمله على كتفيك؟ فأجابها : أحمل ثلاث حقائب قمحا واثنتين من الشعير تلك عشرة كاملة.

فقالت : إنك لذو بأس عظيم وهمت به وقالت: تعال سنتمع سويا وسيكون ذلك من حظك .. فثار باتا في وجهها قائلا : إنك بمثابة أم لي وزوجك بمثابة والدي وقد رباني صغيرا فما هذا الإثم العظيم الذي تتحدثين به إليّ وحمل البذر ومضى في سبيله على الحقل.

ولما عاد أنوبيس في المساء وجد زوجته جالسة تبكي راقدة في سريرها والبيت مظلم وسمع صوتها تقيئ فلما اقترب فزعا قالت : باتا راودني عن نفسي ولكنني عصيته فمشى الخوف في نفسه فضربني حتى لا أخبرك فإذا كنت تتركه حيا فإنني سأقتل نفسي.

فثار أنوبيس وحدّ نصل حربته وأمسكها في يده وتوارى خلف باب الحظيرة ليقتل باتا .

ولما اقتربت الأبقار حدثته بأن أنوبيس خلف الباب يريد قتلك فخذ حذرك حتى لا يذبحك!!

فنظر فرأى قدمي أنوبيس فألقى حمله إلى الأرض ولاذ بالفرار ففطن أنوبيس له فظل يعدو وراءه فنادى باتا : يا إلهي الطيب إنك أنت الذي تفصل بين المبطل والمحق .. فسمع (رع) ظلامته فجعل بينه وبين أخيه بحيرة مملوءة بالتماسيح

فقال باتا مناديا أنوبيس : يا أخي امكث هنا حتى ينبلج الصبح وسنحتكم إلى الشمس عند شروقها وسينتصر الحق ولن أعيش بعدها معك وسأتخذ وادي الأرز مثوى لي.

ولما أشرقت الشمس .. أعلم أنوبيس الحقيقة وأقسم له بـ(رع) وقال : يا أخي أردت أن تغتالني لوقيعة دستها عليّ امرأة بغي قذرة وهذه براءتي وأخذ غابا وقطع بها ذكره وألقى به في الماء فابتلعته سمكة كبيرة وأغمى عليه وأصبح تعسا.

ولما أفاق رأى أنوبيس يبكي حزنا عليه فقال له يا أخي اسمع مني .. سأخلع فلبي وأضعه فوق زهرة في شجرة أرز.. بعدها أموت وستبحث عني سبع سنين لكنك إذا ما وجدت قلبي فضعه في إناء به ماء بارد فإني حينئذ سأحيا ثانية وسأجيب عن
التهمة التي أسندت إليّ .. وإذا أعطاك إنسان قدحا من الجعة فاختمر أدركت حينئذ ما حاق بي من الأذى ولا تتوان فإن ذلك في مصلحتك، فعاد أنوبيس بعدها إلى بيته وذبح زوجته ورمى بها إلى الكلاب وقعد حزينا على أخيه باتا.


وذهب باتا إلى وادي الأرز وبنى لنفسه قصرا وخلع قلبه ووضعه فوق أعلى زهرة في شجرة أرز يستمد منها الحياة لجسده وكان يجلس تحتها كل يوم وفكر أن يتزوج.

فخرج ذات يوم فقابل (تاسوع الآلهة) فقالوا له : أنت يا ثور التاسوع .. أتركت قريتك أمام زوجة أنوبيس ..إنه قد ذبحها لأنك كشفت له عن الجناية التي ارتكبت ضدك  وأظهر التاسوع له العطف فدعو له رع أن يرزقه بزوجة جميلة فقال رع لـ خنوم إله الخلق : سو ّ زوجة لـ باتا حتى لا يكون وحيدا في بيته فوهبه خنوم رفيقته تبز اجمل امرأة في الأرض جمالا فشغف بها باتا حبا.

وفي الطريق استوقفته (حاتور) إلهة الحب فقالت : باتا رفيقتك ستموت ميتة شنعاء فلا تخرجها من بيتك ولا تفش لها سرك

قصة حب فرعونية عمرها 4400

نجح فريق من علماء الآثار في تحديد واحدة من أقدم قصص الحب في العالم، بعد كشفهم عن لوحة تصوّر مشهد غرام بين زوجين داخل مقبرة تخصهما وأبناءهما في منطقة سقارة، التابعة لمحافظة الجيزة المصرية، ويقدر عمرها بحوالى 4400 سنة.

وقال العلماء إن تلك المقبرة تخصّ مغنيًا، كان يعمل لدى أحد الفراعنة، واسمه «كاهاي» وزوجته «ميريتيتيس» التي كانت تعمل كاهنة، وأكد العلماء في السياق عينه كذلك أن الدهان الملوّن لتلك اللوحة الجدارية، التي تبرز قصة الحب بين الزوجين، والتي تعود إلى الوقت الذي كان يتم فيه بناء أهرامات الجيزة، هو دهان نادر للغاية بالفعل.

تكشف اللوحة تحديق الزوج والزوجة في أعين بعضهما البعض، ومشاعر الحب تهيمن عليهما بصورة واضحة، وتقوم الزوجة بوضع يدها على كتف زوجها اليمنى.

ويظهر «كاهاي» في اللوحة وهو يرتدي زيًا من جلد النمر ويمسك عصا وصولجانا، وهما رمزان للسلطة، كما كان يعتقد في مصر القديمة. فيما كانت ترتدي «ميريتيتيس» فستانًا طويلًا ضيقًا بحمالات كتف تكشف على ما يبدو أجزاءً من ثدييها.

كانت تلك المقبرة قد اكتشفت عام 1966، وتم بالفعل نشر كل تفاصيل ذلك الكشف في كتاب عام 1971، لكن تم تسجيله وتوثيقه في الأساس بصور قديمة بيضاء وسوداء.

ولفتت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية إلى أن مسؤولي المركز الأسترالي لعلم المصريات التابع لجامعة «ماكواري» كشفوا الآن عن تلك اللوحة بكل ألوانها التي لا تصدق.

وأشارت «ميرال لاشين» وهي باحثة لدى جامعة ماكواري، إلى أن مقبرة «كاهاي» تعتبر مثالًا على الأهمية التي كانت تحظى بها المرأة في تلك الفترة.

وأضافت أن تكرار تقديم المرأة في الأعمال الفنية في المقابر المختلفة وتصويرها بالحجم نفسه الذي كان يتم من خلاله تصوير الأزواج والأشقاء كلها أمور تدل على مكانتها المتساوية.


الجمعة، 1 أغسطس 2014

قصة حب اسطورية خالدة ( تاج محل )

ثلاثة قرون ونصف القرن مرت على بنائه ، تاج محل.. قصة حب اسطورية خالدة عبر الزمن يزوره مالا يقل عن ثلاثة ملايين شخص سنوياً

ربما تكون وقائع ورومانسيات قيس وليلى أو روميو وجوليت أو نبوخذ نصر الذي بنى حدائق بابل المعلقة في العراق تكريما لزوجته, هي الأكثر شهرة من غيرها, الا ان ذلك لا يعني تفردها في الاخلاص والوفاء والتضحية, بل هناك ابداعات اخرى لا تقل اهمية عن تلك.

إنها حياة امرأة ضربت أروع الأمثلة على الوفاء والاخلاص فتفتحت لها ابواب التاريخ الواسعة واصبحت سيرتها على كل لسان وصار ضريحها إحدى عجائب الدنيا السبع هي المرأة الهندية المسلمة التي رفعت من شأن نساء العالم في ذلك الوقت واثبتت ان العقل والعاطفة والعمل خطوط متساوية لا تناقض فيها على الإطلاق. ومن روعة وتفرد هذا المكان ـ الذي يقصده مالا يقل عن ثلاثة ملايين شخص سنويا من داخل وخارج الهند ـ , تغنى به العديد من الشعراء مثل طاغور فيما وصف الشاعر الانجليزي السير(ادوين ارنولد) تاج محل بقوله الشهير: هي ليست قطعة معمارية كغيرها من الابنية ولكنها رغبات امبراطور تعكس حب امبراطور سامِ كتبت بأحجار حية

ويحمل هذا الصرح الرائع بين جدرانه قصة حب نادرة ومكائد ومؤامرات حاقدة من أقرب المقربين طمعا في السلطة والجاه, ورغم مرور اكثر من 350 عاما على بناء تاج محل الا انه لا يزال شعاع البدر الهادىء والمتهادي بني بمشاعر الحب البيضاء ونوافير العاطفة الجياشة والاحجار الطيعة اللينة التي تحمل في طياتها ما تحمل من جماليات ومنمنمات في غاية الروعة, كما ان القلاع المحيطة به في اجرا ما هي الا فرقة موسيقية تشير الى نجم الحفل (تاج محل) .

تاج محل.. شهادة ميلاد للحب الخالد, قصائد من الرخام الأبيض الطاهر حيث يمتزج الفن المعماري مع التضحيات الانسانية والمشاعر الفياضة. حقاً, انها احتفالية بعظمة نسائية سطرت بالاحجار صرحاً ينم عن عمق تقدير للمرأة والنساء عموما فيما يراها البعض حلما بهيا قلما يزور النائم . ويعتبر تاج محل من اعجب عجائب الدنيا بل ويعتبرها بعض الباحثين الغربيين تحفة معمارية لم يولد مثيل لها حتى الآن. ولا عجب في ذلك فتاج محل, اجمل صرح بناه المغول خلال فترة حكمهم للهند.

وتعني كلمة تاج محل (قصر التاج) فيما لا تعرف حتى الآن اصل تسمية القصر بتاج محل , لان المؤرخين من عهد شاه كانوا يطلقون عليه (روزا) ممتاز محل اي ضريح ممتاز محل. وفيما بعد شاع اسم تاج محل ويترجم على انه قصر التاج او تاج القصر. وتعود جذوز قصة بناء تاج محل الى زواج شاه جيهان ـ

الذي كان يعرف وقتها باسم الامير حزام وصار فيما بعد الامبراطور المغولي الخامس, واسمه شهاب الدين ـ من تاج محل واسمها الحقيقي هو ارجمند نانو بيجام بنت آصف خان رئيس التشريفات في القصر الملكي التابع للملك جيهانكير سلطان المغول المسلمين في منقطة اجرا عاصمة الهند في ذلك الوقت, ووالدها آصف خان كان شقيقاً لنور جيهان زوجة السلطان, وكان في تقليد المغول النساء المهمات في العائلة المالكة يمنحن اسماء اخرى عند الزواج وفي بعض الاحداث المهمة في حياتهن وبعد ذلك يشيع الاسم الجديد ويصير مستخدما من قبل الناس عامة. وعلى الرغم من ان هذا الزواج كان الثاني لشاه الا انه كان نابعا من قصة حب حقيقية وتجربة عاطفية سامية.

وكانت ممتاز رفيقة دائمة لزوجها لا تتركه في كل رحلاته وسفرياته وجولاته وزياراته ومهماته العسكرية بل ومستشارته وصديقته وكانت الدافع القوي لقيامه بالكثير من اعمال الخير والبر وخصوصا مع الضعفاء والفقراء والمحتاجين.

وانجبت ممتاز من شاه اربعة عشر ولدا وماتت على فراش الولادة في العام 1630 بعد ثلاث سنوات من خلعه من العرش في بورهانبور في ديسان عندما كانت ترافقه في حملة عسكرية وعندما عاد الى السلطة اعتزم شاه ان يخلد ذكرى زوجته وقرر بناء التاج. وكان حب شاه لزوجته هو السبب في ابداع (تاج محل) وكان للظروف الحزينة التي اعقبت موت الامبراطورة اعمق الوقع وابلغ الاثر في إلهام الامبراطور لتشييد هذا القصر الكبير الذي اقامه في اجرا عاصمة حكم المغول. ولم يكن غريبا بناء تاريخ تاج محل في مدينة اجرا عاصمة الامبراطور المغولي خلال القرن السادس عشر واوائل القرن الثامن عشر التي تبعد نحو ساعة عن دلهي الجديدة بالسيارة حيث تنتشر في المدينة القلاع الجملية ذات الاحجار الحمراء التي قام ببنائها
الاباطرة المغول. وكان بناء تاج محل مشروط بتنفيد اربعة اشياء طلبتها ممتاز من زوجها بعد موتها وتعكس جميعها مدى الحب وعمق الشعور التي كانت تكنه له, وتتمثل في: ان يبني تاج محل, ان يتزوج بعدها, ان يحسن معاملة ابنائه, ان يقوم بزيارة الضريح في الذكرى السنوية لوفاتها. ولكن في الواقع لم يستطع الامبراطور شاه الوفاء الا بالوعدين الأول والثاني.

البكاء على الأطلال وعندما اعتقل لمدة ثماني سنوات توفي في آخرها في القلعة الحمراء الكبيرة التي تقع قبالة تاج محل كان ينظر يوميا الى هذا الصرح الخالد ولا يتحسر على زوال عرشه وخلعه من الحكم بقدر ما كان يبكي وفاة زوجته الغالية التي لم تستطع امرأة غيرها ان تمنحه الحب الذي منحته اياه ولم يستطع اي شيء في العالم ان يعوضه الحنان الذي افتقده بعد وفاتها وهي تضع له ابنه الرابع عشر. انه تاج محل القبر او الضريح الذي شيده شاه تقديرا ووفاءً لزوجتة ورفيقة درب حياته. إلا ان الدوافع والتفصيلات الحقيقية والدقيقة حول الايام وكيف دارت بين الزوجين وخاصة لحظات البؤس الذي عاشته الملكة بسبب الوشايات والدسائس التي تمت داخل القصر. فقد وهب الله سبحانه وتعالى ممتاز محل جمالا متميزا غير عادي يجذب الكبار والشباب على السواء مما كان دافعا قويا لنظرات الآخرين بل والاقربين من داخل القصر حيث فتن بجمالها الامير برويز الابن الاصغر للسلطان جيهانكير. عاش الزوجان شاه جيهان وممتاز طوال 19 عاما .
 
وكانت سيرتهما على كل لسان من المحبين والعشاق حتى كان يضرب بهما المثل إلا انه وفي عام 1930 قام الامبراطور شاه جيهان بحشد قواته بكل ما لدية من امكانيات عسكرية وبشرية وبدأ حملة عسكرية ضد ابنه والوريث لمملكته وحكمه في منطقة ديكان, وقد شاء القدر ان يمنحه النصر على التمرد والسيطرة عليه إلا انه وحينما رجع الى مقره في اجرا علم بمغادرة زوجته لهذا العالم ووفاتها خلال ولادتها لأبنه ذي الترتيب الرابع عشر بين انجاله.

ومن تلك اللحظة ولشدة تأثره وحبه لها ووفائها لذلك كله, ورغم اعتراض اولاده قرر ان يقيم لها ضريحا متميزا لا يضارعه آخر على وجه الأرض ويساوي في الجمال والروعة والصفاء جمال حبيبته وزوجته فكان الرخام كله من اللون الأبيض دليل الحب الصافي والاخلاص في المشاعر, وفعلا كان له ذلك ببناء صرح تاج محل وذلك على الضفة المقابلة لقصره على نهر (يامونا) ليتمكن من العيش على ذكراها صباح مساء. وتقول الروايات التي انطلقت على حياة الامبراطور شاه جيهان انه كان يعتزم بناء قصر مواجه لتاج محل ليكون ضريحا له شخصيا عند وفاته ومقابلا لضريح زوجته ولكن مع وجود فارق بينهما وهو ان الأول ضريح تاج محل من الرخام الابيض اما ضريحه هو فسيكون باللون الاسود بحيث يربط بينهما جسر كبير. ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ولم يتحقق هذا الحلم حيث قام احد ابنائه بالحجر عليه واعتقاله بعدما قاد انقلاباً ضده وسيطر على العرش الملكي وبالتالي قام بسجن والده في قصرة المقابل لضريح تاج محل حتى توفي إلا انه وبدوافع انسانية اقترح بعض اعوان الامبراطور الجديد دفنه بجوار زوجته.

ولا يزال تاج محل يرسم صورة حقيقية لاروع قصة حب لا يزال يعيش عليها معظم الشعب الهندي هناك.